هذه كلمات كتبتها بلون
وردي، امتزج فيه لون دمي مع لون دمعي، واتحدا كما اتحد حرف الدال والميم فيهما، انحدرت
على كفي كورق الورد، ثم هبت عليه نسائم الفجر، فتبعثر في الجو وسقط على ورقتي، فكتب
قصيدتي هذه، ولا تستغرب فمبالغة الأدباء تصنع أكثر من هذا!!
أخي أبا سليمـان: ألا تسمع فيها الحنين والأنين؟
حنين الحب الصادق، وأنين البعد المتوقع، أولا تسمع فيها آهات وضحكات؟ آهات الهجر
القريب، وضحكات الماضي القريب، أما إني كتبتها لما علمت أنني بعد حين سأفارقك لأقارف
عاداتي القديمة، ولأعود مرة أخرى وحيداً فريداً، وشريداً طريداً، وذلك بعد أن كنت بصحبتك مبتهجا
سعيداً ، وكأني أسمع الآن صمت الوحدة يزحف إليَّ من جديد، مُوعدا إيّاي، ومهددا إيّاي،
وحاملا لواء النصر، وراية الظفر، يجُرُّ خلفه كتيبة الأحزان، وسيرجع من جديد،
ليتفرد بي، ويذيقني من ألوان الأسى، وأنماط الحزن ما به يجعلني مشتت الفكر، تائه
المركب، مكسور المجداف، مقطع الأوصال، ويا لها من حال!!
ولما علمت أنك تحب
الشعر، وتعشق الأدب، وتترنح مع دفقاته، وتتهادى مع إيقاعه، وتطرب لنغماته، انفرطت
مني كلمات على عَجَلٍ قبيل فجر اليوم، تنِمُّ عن مدى حبي لك، ولهفتي بك، وأنسي
بقربك، واشتياقي لنبرات صوتك، وإلفي لروحك وخيالك، تهمس لك لتلمس شغاف قلبك. فها
أنا أقدمها بين يديك، وقد صغتها طوقا من ذهب، أو طوقا من لؤلؤ، أو طوقا من ياسمين،
فاقبلها على ما فيها من كسر وعوج وخلل، فالكرم منك سجية معهودة، والجود منك خصلة محمودة.
وجاءت لاميةً لأنك حدثتني
عن حبك للامية العرب لاميةِ الشنفرى، وللامية العجم لامية الإلبيري،
وللامية الصفدي، فأهديتك لاميةً وسمتها: "لامية أبي سليمان"
فرأيتها قد ازدهت وازدهرت لما قُرن بها اسمك!! ولا عجب من ذلك، فمجاورة الصالحين -كذلك
أحسبك والله حسيبك - مما يفتخر به كل أحد.
ودِّع
الحِـبَّ مِـنِّـي، إذا ارْتحَـلا (()) واطْـبَـع
علـى جَبِـينِهِ الـقُبَـلا
وقلْ
له: قد تَركْتَ صِباً ما له أحَـدٌ (()) يَـرى الحَيـاةَ مِـن دُونِكُم هَمَـلا
وأخْبـرهُ
مِنِّـي إذا غَابَـتْ مخَايِلُـهُ (()) أنَّ الفُـؤَادَ تَفَطَّر ثم اشْتَكَـى خَلَـلا
فمـا
أُطيـقُ وداعَـه إذا انفَجَـرتْ (()) ينابيـعُ عَيني ، ثم تَقاطـرَتْ هَطَـلا
أبا
سُليمـانَ، إنَّ هذا البُعـدَ يَقتُلُني (())
فـلا صَبْـرَ لخِلٍّ ، إذا الحَبيبُ سَـلا
أبا
سليمـانَ، لا تُطِلْ غروباً أيا خِلِّي (()) أَشْرِقْ قريباً،وعانِقْ من قد رَجَا أمَـلا
أتُـراكَ
تَنسـى أيَّـام كان يَجْمَعُنـا (()) حُـبُّ
الإله، سليمـاً قد اتصَـلا؟
أتُـراك
تَنْسـى العُلُومَ كانت تلاقينا (()) تُسرٍّي هموماً وتطردُ عن قلبنا الوجَلا؟
أتذكرُ
الرافعيَّ وكيفَ كانتْ بلاغَـتُه (()) تَحْذُو اللًّبيبَ وتمحُو عن عقله الخَبَلا ؟
أتَذكُرُ
شاكِـراً وكيف كانت مَقالتُه (()) تَمْحُو
الأَسَى وتَسُدُّ بفَهْمِها الخَلَـلا؟
وصَـوْتُ
لطفـي مَازالَ يرن في أُذني(()) وصُورةُ الكُتْبِ عن عَينيَّ مابَغَتْ حِوَلا
ألا
فبلِّـغْ كل فَرَنْسِيٍّ أنِّـي أُحَـارِبُهُ
(()) إِنْ مَسَّ خَليـلِيَ السُّـوءُ أو خَجِـلا
سلامي
إلى مُحْسِنٍ قد فَاضَتْ مَآثِـرُه (()) وعَـزَائِي لنِفْسِي لأنها ذَاقَـتِ المِحَلا
خَـمَـعْتُ
غَـدَاةَ فِراقِهِ فـوا أسفاً (()) وأَطَّـنْتُ نفسي بعدما أُشْبِعَتْ مَلَـلا
عُــدْ
قَريباً ، فإنَّ لُطفي يُنَـادِيكُم (()) وعَلِـيٌّ قَـدْ بُـحَّ صَوتُـهُ وَعَـلا
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء