· الخاطرة الأولى:
قال تعالى: ﴿إياك
نعبد وإياك نستعين﴾
حين ابتدأت وردي هذه
الليلة لرمضان، استوقفتني هذه الآية تارة أخرى فالفاتحة لا تزال تشغل قلبي منذ
سنين، عجائبها لا تنتهي، ولآلئها لا تنقضي؛ ها أنا ذا في فاتحة رمضان، أقرأ فاتحة
القرآن، فيأتيني البيان الرباني: "استعن بي على عبادتي"؛ فأنت لن تقدر
على شيء إلا إذا أعنتك، فذلك البرنامج الذي سطرته لرمضان، إن لم أعنك وأسددك، فلن
تعبدني به، ولن أتقبله منك.
هنا.. أسلمت أمري له
وعلمت أنه "الأول" الذي يبتدئك بالنعمة قبل سُؤْلها، وهو
"الآخر" الذي يقبلها حين تتمها، وبين الأول والآخر، هناك
"المعين"، فإياك أعبد وإياك أستعين.
· الخاطرة الثانية:
قال تعالى: (وكأي
من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون)؛
سورة يوسف.
كم هي الآيات والعظات
التي يرينا الله إياها ليلا ونهارا حتى نرجع ونتوب !؟ كل الآيات في السماوات والأرض تدل عليه، كما قال تعالى: (سنريهم
آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)، ورغم هذا البيان الواضح،
والحق الصادح، تجد أكثر الناس غافلين لاهين، وعن ربهم معرضين !!! فسبحان الله ما
أحلم الله عنا وما أرحمه بنا.
· الخاطرة الثالثة:
قال تعالى: (يا
أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا)
التقوى وما أدراك
التقوى، فهي تجعل لك نورا في حياتك وبعد مماتك، وتجعلك لك فرقانا تفرق به بين الحق
والباطل، والصواب والخطأ، دون أن تدري في كثير من الأحيان لم تختار هذا الأمر
بالضبط، ولو سئلت عن السبب لما عرفته، لكن السر أنه الفرقان الذي يهبك الله إياه
بسبب التقوى التي امتلأ بها قلبك؛ فنور البصيرة لا يعطاه إلا المتقون، الذي نظفوا
قلوبهم من الأهواء، وأخلصوها لله. ومثل هذه الآية قوله تعال في سورة الحديد: (يا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون
به ويغفر لكم والله غفور رحيم). فالفرقان في الآية
الأولى هو النور في الآية هنا، وسببه في الآيتين التقوى..
فاللهم اجعلنا من أهل
التقوى، واجعل لنا فرقانا نفرق به، ونورا نمشي به.
·
الخاطرة
الرابعة:
قال تعالى: (وهو
الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون)
هذه الآية استوقفتني
طويلا طويلا، فهي آية –لمن فهمها- تشرح الصدر، وتطمئن النفس، وتبعث السرور، وتورث
السعادة، وذلك لأنها تبشر كل العصاة والمذنبين أن باب الله مفتوح دونهم، ليس لهم إلا
أن يدخلوه ويتوبوا إليه؛
فهو يقبل توبة من تاب،
وتوبتك فضل منه، فلولا أنه تاب عليك لما تبت، فهذا أول فضله، ثم يزيدك فضلا، فيعفو
عن سيئاتك أي: يمحوها ويذهبها، ولا يآخذك عليها، ولا يحاسبك بها، فما أوسع فضل
الله علينا..
ويختم الآية بقوله أنه يعلم ما تفعلون، فلا تقل
ذنبي كبير، أو ذنبي لا يغفر، ولا تقنط، ولا تيأس، فهو يعلمه، وقد أخبر أنه يقبلك
إذا عدتَ ورجعت، وتبت وأنبت، فتقدم وكن من التائبين.
·
الخاطرة
الخامسة:
قال تعالى: ﴿والله
يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن
يخفف عنكم وخُلق الإنسان ضعيفا﴾. النساء28،27.
نعم، يريد أن يتوب
عليك وعليّ، يريد أن يخفف عنا الذنوب والأثقال، ويريد أن يزيح عنا الأحمال والأوزار،
يريد بنا الخير، يريد بنا الرحمة، يريد لنا الجنة، وهذا شهر رمضان شهر التوبة،
وشهر الغفران، فليس علينا إلا الإجتهاد والتشمير؛ وأما أهل الفسق والضلال الذين
يتبعون الشهوات، أصحاب القنوات الفضائية (إم بي سي، وروتانا، وأخواتها) يريدون منا
أن نميل ميلا عظيما، ويستغلون هذا الضعف الذي خلقنا به، فيحركون فينا الشهوات
والنزوات والغرائز، حتى نترك صراط الله المستقيم، ونتبع طريق إبليس السقيم، فالله
قد بين لك ووضح، وليس لك إلا أن تختار.
·
الخاطرة
السادسة:
قال تعالى: ﴿قل
للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد﴾(ال
عمران).
أقول كما أمرني ربي،
للكفار الباغين الظالمين: ستغلبون وتدحرون، وسيسحق الله عظامكم، ثم تحشون إلى جهنم
خالدين فيها، ما لم تتوبوا وترجعوا..
آية تبعث الأمان في
القلب، والراحة في النفس، فكل هذا المكر العالمي ضد الإسلام، سيكون وبالا على
الكفار، سينفقون أموالهم ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، فالله من وعدنا، ومن أصدق
من الله قيلا؟ ومن أصدق من الله حديثا؟
هذا التكالب على
الإسلام وأهله، وهذا المكر والتشويه، سيرجع عليهم بالخيبة والندم، ويقطع دابر
الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.
·
الخاطرة
السابعة:
قال تعالى: ﴿أولم
يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون﴾
(العنكبوت51)
هذه الآية تجول
بخاطري كلما سمعت على الشاشات، أولئك العلمانيين واللبراليين الذين يتشدقون
بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والدساتير الدولية، والقوانين البشرية، فأقول
سبحان الله : ألا يكفيكم كتاب رب البشر !!؟ وفيه الرحمة من الرحيم، والحكمة من الحكيم، والعلم من العليم،
والعدل من العدل جل جلاله !!!
لكنني أرجع إلى نفسي
كرة أخرى، وأقول لها: أولئك قد أخبرنا القرآن عنهم، فهم كالأنعام بل هم أضل سبيلا، فلا تستغرب، ولا
تستعجب، فالقرآن نفسه قد حدثك عنهم وهذا من إعجازه، فهو يصدق نفسه بنفسه، ولو كان
من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
· الخاطرة الثامنة:
قال تعالى: ﴿وتوكل
على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده﴾ (الفرقان)
التوكل على الله من
العبادات القلبية التي يتفاضل فيها الناس، فمِنْ متوكل على الله حق التوكل، ومن
متواكل، ومن مصدق بالأسباب فقط، وهذه المراتب نفسها يتفاوت الناس فيها أيضا.
ولكن لو عَلِمَ العبد
أن الله هو الوكيل، وأنه الحي الذي لا يموت، لعلم ألا مناص له ولا بد له من التوكل
عليه، فهو وكيل لا يخذل من تعلق به، ولاكتفى به وكيلا دون سواه، وهو حي لا يموت فلا
يخاف المتوكل فوات الخير بموت وكيله، فسبحانه من إله ما أعظمه، ولذلك قال بعدها: (وسبح
بحمده) فاستحق التنزيه عن كل النقائض، والحمد على كل الصفات التي اتصف بها جل جلال
الله.
· الخاطرة التاسعة:
قال تعالى: ﴿قَالَ
إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ﴾ (سورة يوسف).
انظروا إلى هذا النبي
الصالح، كيف اختص شكواه بالله رب العالمين، فلم يبثها غيرَه، ولا باح بها لسواه،
وذلك لأنه يعلم من الله ما لا يعلم سواه، فهو يعلم أن لله حِكما باهرة، ومعجزات
قاهرة، وقد رأى منها بنفسه ما جعله موقنا بالله، غير قانط ولا يائس، ولذلك قال لبنيه
في الآية بعدها: ( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييئس
من روح الله إلا القوم الكافرون)، وكذلك قال
نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ
لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)،
فالصالحون لهم أحوال مع الله، يعلمون أنه لا يخذلهم ساعة الكرب، ولا ينساهم ساعة
المحن، وقال قال زكرياء عليه السلام أيضا وهو يدعو ربه: (وما
كنت بدعائك ربي شقيا)، أي ما دعوتك ربي
موقنا فأشقيتني ولم تجبني، بل عهدي بك أنك تجيب دعوتي، وتلبي رغبتي، وتعطيني سُؤلي.
فاللهم لا تحرمنا
فضلك، ولا تقطع علينا جميل فعلك، ولطيف أقدارك، يا رحمن يا رحيم.
·
الخاطرة
العاشرة:
قال تعالى: (أفرأيت
إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون)
(الشعراء 205-207).
كل ما ترى في هذه
الدنيا من رغد ومتاع، وكل ما تتخيله من زخرف وزينة، يأتي عليه يوم، يفنى فيه
ويتلاشى، ولا يغني عن صاحبه شيئا، فالكافر والمنافق، يعيش زينة الدنيا ومتعتها،
ويتخبط فيه ويمرح ويلعب، وإذا جاءه ما يوعد من موت وحساب وعذاب، ما أغنت عنه دنياه
شيئا، بل تكون عليه حسرة ووبالا !! فلا تغرنك المظاهر، ولا تخدعنك المباهج، فإنها إلى زوال، وإنها
إلى فناء، ولا تنس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة
الكافر)، وقوله أيضا لعمر بن الخطاب: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا وتكون لنا الآخرة)،
فحين يغمس الكافر في النار غمسة واحدة يقول: (وعزتك وجلالك ما مرّ بي خير قط)؛
فانظر كيف أنسته غمسة واحدة سنينه التي تمتع فيها !!!
#خواطر
#خواطر_رمضانية
#خواطر_قرآنية
#خواطر_قرآنية_رمضانية
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء